السبت، فبراير 16، 2008

ظاهرة إطالة شعر الرجال

(ظاهرة إطالة الشعر بين الشباب)
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،،،
فقد تقلص العالم الفسيح حتى صار قرية صغيرة والسبب هو الثورة الحالية في وسائل الاتصال والإعلام والتي ساهمت بشكل أو بأخر في انفتاح غير محدود على ثقافات المجتمعات الأخرى بكل ما فيها من غث وثمين ، واقتحمت القنوات الفضائية بيوتنا بغير استئذان ،وصار التجول في شبكة الإنترنت شبه يومي لكثير منا ،وبدأ التأثير الثقافي للغرب في التسرب إلى عقول أبناء وبنات مجتمعاتنا العربية المسلمة ،وتمثل هذا التأثير الثقافي في أوضح صورة في تقليد الغرب في الأمور المظهرية كالملابس والأكلات السريعة حتى اللغة .... إلخ ، ظناً منهم أن هذا هو التقدم والتحضر !!
وقد تناسى هؤلاء تحذير الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لنا في الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه). قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال:" فمن؟" رواه البخاري برقم 3269
قال شارح الحديث:"(شبرا بشبر) كناية عن شدة الموافقة لهم في عاداتهم، رغم ما فيها من سوء وشر، ومعصية لله تعالى ومخالفة لشرعه... والتشبيه بجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته، ونتن ريحه وخبثه، وما أروع هذا التشبيه .... فنحن نشاهد تقليد أجيال الأمة لأمم الكفر في الأرض، فيما هي عليه من أخلاق ذميمة وعادات فاسدة، تفوح منها رائحة النتن، وتمرغ أنف الإنسانية في مستنقع من وحل الرذيلة والإثم، وتنذر بشر مستطير. وقال:(فمن) أي فمن يكون غيرهم إذا لم يكونوا هم، وهذا واضح أيضا، فإنهم المخططون لكل شر، والقدوة في كل رذيلة".

ومن بين ما لفت نظري بكثرة في الشهور الأخيرة وأثناء تجوالي في بعض شوارعنا ظاهرة غريبة مستهجنة ، هي ظاهرة إطالة الشباب لشعرهم بشكل ملحوظ ، حتى أنه يصل في بعض الأحيان إلى ما تحت الأكتاف لينسل على ظهورهم !
ورأيت من الشباب –وليس الفتيات- من يربط شعره ليصبح كما يسمونه في بعض الدول العربية (ذيل الحصان) !!
وأخبرني البعض أن شبابنا صار الآن ينافسون ويتفاخرون فيما يبنهم في طول الشعر ،وفي شراء مستحضرات إطالة الشعر وتنعيمه وزيادة لمعانه والعناية به ... -أكرر للمرة الثانية : شبابنا وليس فتياتنا _!!!!
وفي محاولة لمعرفة سبب إقدام البعض منهم على هذه (التقليعة) ، دفعتني الغيرة على شباب الإسلام أن أسال بعضهم مستغرباً : ما سر هذه الشعور الطويلة ؟؟ ، فجاءني رد لا يقل غرابة : "إن إطالة الشعر سنة عن الرسول الكريم"!
ولأن الحرص على تطبيق السنة له مظاهر واضحة ... فقد تفحصتهم ملياً أفتش في وجوههم عن آثار إتباع السنة .. فلم أجد أمامي إلا لحى حليقة ورائحة تبغ وملابس غريبة أغلبها من نوع الجينز الضيق يجرونها على الأرض جراً!
وعبثاً حاولت التحاور معهم فقد كانت ردودهم كـ(الرسالة المسجلة):"إطالة الشعر سنة عن الرسول الكريم"!
والحق أن الروايات الموثوقة تخبرنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ذا شعر طويل ، فقد قال أنس –رضي الله عنه-:"كان شعر النبي –صلى الله عليه وسلم- يضرب منكبيه" رواه البخاري برقم )5901 ) ورواه مسلم برقم (2337) ، كما صح عن أم هانئ قولها :"دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غدائر تعني ضفائر " رواه ابن ماجه في سننه برقم 3631 وقال الألباني حديث حسن.
ولكن لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أمر أمته بإطالة شعر الرأس كما لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين في هذا الأمر شيء ، وهذا ما يوضحه العلماء بجلاء ومن أمثلة ذلك :
قال العلامة: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - في كتاب شرح رياض الصالحين (باب النهي عن القزع(
"اتّخاذ الشّعر ليس بسنّة ومعنى اتّخاذ الشّعر:أنّ الإنسان يبقى شعر رأسه حتى يكثر ويكون ضفرة أو لمة فهو عادة من العادات ولو كان سنّة لقال النّبي صلى الله عليه وسلم اتركوه لا تحلقوه –في الصبي- ولما حلق رؤوس أولاد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه،ولكنه- أي اتّخاذ الشّعر- عادة، إذا اعتاده النّاس فاتّخذه،إن لم يعتده النّاس فلا تتخذه،وأما من ذهب إلى أنّه سنة من أهل العلم فإنّ هذا اجتهاد منهم والصحيح أنه ليس بسنّة،وأنّنا لا نأمر النّاس باتّخاذ الشّعر،بل نقول إن اعتاده الناس وصار الناس يتخذون الشّعر ،فاتّخذه لئلا تشذ على العادة وإن كانوا لا يتخذونه كما هو معروف الآن في أهلنا فلا تتخذه ولهذا كان مشا يخنا الكبار كالشيخ عبد الرحمن بن سعدي،والشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبد العزيز بن باز وغيرهم من العلماء لا يتخذون الشّعر لأنّه ليس بسنّة ولكنّه عادة ".
كما قال العلامة الألباني": فتجد بعض الشباب يتقصدون إطالة الشعر بزعم أنّ هذه سنّة الرسول عليه السلام، نعم أقول إنّ هذا من فعله عليه السلام ولكن ليس هناك ما يدل على أنّ هذا هو الأفضل بل قد صرح رسول الله كما في سنن أبي داوود برقم 4195 قال) احلقوه كلّه أو اتركوه كلّه (فإذن: إطالة الشعر ليس سنّة تعبدية وإنما هي سنة عادية ... فإذا ربّى الإنسان شعره كعادة أو كمزاج يناسب طبيعته لا مانع من ذلك أمّا أن يتقصد التقرّب إلى الله بإطالة شعره عليه السلام فنقول إنّ في هذه مخالفة لسنّة النبي صلى الله عليه وسلم وهنا حقيقة يجب الانتباه إليها: الذي يطيل شعره إتباعا للنّبي صلى الله عليه وسلم لكني أقول بكل صراحة أنّه خالف النبي صلى الله عليه وسلم ... فإذا كنّا لا نعلم أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم تقرّب إلى الله بإطالة الشّعر فلا يجوز للمسلم أن يتقرب إلى الله بما لم يتقرب به رسول الله وهذا هو البدعة في الدين كما تعلمون من الأحاديث المحذّرة أشدّ التحذير من الابتداع في الدين)من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ( إذن إحداث في الدين لأنّه يتقرب إلى الله بما لم يتقرب به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه طبيعة المبتدعة لأنّهم يأتون أعمالا ما تقرّب بها رسول الله إلى ربه عز وجل.".أ.هـ
فالعلماء إذن أجمعوا على أن إطالة الشعر ليست بسنّة ولكنّها عادة ،أيضا فالتزين والتنظف –كما قال ابن عبد البر - للرجال مباح ما لم يكن إسرافا وتنعما وبعداً عن الخشونة المطلوبة في الرجال ، كما لا ينبغي أن يكون المسلم حريصاً على السنن التي توافق هواه فقط دون غيرها من السنن، بل ينبغي الحرص على كل السنن النبوية الشريفة لاسيما السنن التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم عليها بل وحذر من إهمالها وتركها ..مثل إكرام اللحى وتقصير الثوب ... الخ لاسيما إذا كانت إطالة الشعر بهذا الشكل يصبح نوع من أنواع التشبه بالنساء ، والتشبه بالنساء محرم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال":لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال"رواه البخاري برقم 5546 باب المتشبهين بالنساء، والمتشبهات بالرجال. قال الشارح :(المتشبهين) في اللباس الخاص بالنساء والزينة والأخلاق والأفعال ونحو ذلك.
ومعلوم أن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ملعون في كتاب الله لأن الله يقول ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) سورة الحشر(7).
أسباب هذه الظاهرة :
وبعد أن بينا رأي الشرع في إطالة الشعر للشباب، بقى أن نحاول معرفة سبب هذه الظاهرة، والتي أعتقد أنها لا تخرج عن أحد الأسباب التالية :
1- التشبه بنجوم السينما والرياضة .. وغيرهم من المشاهير ، لأن الشباب يرى أمثال هؤلاء كـ(قدوة) لهم ، لاسيما مع غزو القنوات الفضائية الغربية لبيوتنا والتضخيم المكثف لشخصيات لاعبي الكرة والممثلين ..وتصويرهم بصورة أسطورية … وكذلك الغزو الثقافي الذي طال الكثير من شبابنا في ظل عدم تقديم وسائلنا الإعلامية لنماذج إسلامية تمثل قدوة صحيحة للشباب والتي يمكن للشباب أن يقتدي بها في حياته.
2- التجول في الأسواق والشوارع بهدف جذب الانتباه وظناً منهم أن ذلك يثير إعجاب الفتيات.
3- معاناة الشباب من الفراغ الوقتي والروحي، وغياب الوعي الديني الصحيح.
4- غياب دور الرقابة في بيوتنا من قبل الأباء والأمهات وعدم متابعة الأبناء بشكل صحيح.

ولابد أن أختتم حديثي بنصيحة للشباب بأنهم هم أمل الأمة وجيوش الوطن وحماته ضد أي عدو يريد النيل من إسلامنا ، ويجب عليهم أن لا يلتفتوا إلى ألاعيب الغرب في تغييب الشباب عن قيم مجتمعه الإسلامي الصحيح .
ويجب ألا يلهث الشباب خلف تقاليد غربية، باسم "الموضة"، وهل تعني الموضة أن يرتدي الشاب ملابس ضيقة ويسدل شعره ويتبختر في مشيته مثل النساء ؟؟؟
ولقد صدق من قال في ذلك :
وما عجب أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال عجاب

والله المستعان،،،
أبو خليل

هناك تعليقان (2):

أبو خليل المصري يقول...

مقال جيد جدا
جزاك الله كل خير
أبو أيوب

غير معرف يقول...

والله صارت مشكلة
وأشكرك على طرح القضية التي تهاون فيها الكثير من الناس فأصبحنا لا نعرف الرجل من المرآة ؟؟