السبت، فبراير 16، 2008

كيف نروض الناب الأزرق bluetooth?

كيف نُروّض الناب الأزرق ؟
الحمد لله رب العالمين، خلق الإنسان من علق، وعلمه ما لم يكن يعلم وفضله على كثير ممن خلق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسماء، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين بعثه ربه بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ....أما بعد:
فلا شك أن التقنيات الحديثة لها دورها الكبير في تيسير وتسيير حياتنا اليومية بمختلف صورها، فقد أصبحت التقنية عماد المجتمع المعاصر حيث لا يخلو مجال إلا ولها فيه نصيب، لاسيما التقنيات المتعلقة بمجال الاتصالات والمعلومات كالجوال والشبكة العالمية للمعلومات والقنوات الفضائية المفيدة...وغيرها من المستحدثات العلمية التي باتت أساسية بشكل كبير في حياتنا اليومية.
وهذه التقنيات بشكل عام هي من نعم الله علينا الواجب علينا أن نشكر الله عليها باستخدامها الاستخدام المفيد للمجتمع (قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ) الأحقاف15 ، إلا أن هذه النعم وبرغم إيجابياتها الكثيرة إلا إنها تنقلب أحيانا إلى نقم على صاحبها وعلى الآخرين لاسيما عندما يساء استخدامها لتصبح وبالاً على المجتمع مدمرة لأخلاقياته حين يسول الشيطان للإنسان استخدامها في خدمة أغراض مؤذية.وقد توعد الله عز وجل من يسيئون استخدام نعمه بالعقاب الشديد فقال سبحانه وتعالى:{وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}سورة البقرة(211)
وسأتطرق فيما يلي بإذن الله إلى ظاهرة الناب الأزرق وهي الترجمة العربي للمصطلح الشهير(البلوتوث)، والذي نال (سمعة سيئة) لارتباطه بنشر المقاطع المرئية الخليعة وهي نفس السمعة التي يرتبط بها مصطلح (الناب الأزرق)في اللهجة العامية المصرية حيث يعني بوصف عتاة الإجرام والانتقام !وهو وصف صادف كثير من الصواب إذا ما حصرنا الاستخدام الأكثر شيوعا للبلوتوث في بث ونقل المقاطع الخليعة .
إلا إنني سأحاول في هذه المقالة المختصرة أن أضع بعض الإشارات التي يمكن أن تساعدنا في ترويض هذا الناب الأزرق وتحويله من أداة هادمة إلى أداة مثمرة في مجتمعاتنا الإسلامية بإذن الله.
1- أصل مصطلح الناب الأزرق ؟
تعني كلمة Bluetooth السن أو الناب الأزرق, وقد أطلقت شركات الجوالات العملاقة - وهي شركات إسكندنافية - هذا الاسم تكريماً لأحد ملوك الفايكنج الإسكندنافيين (هيرالد بلاتاند) الذي وحد الدانمرك والنرويج في القرن العاشر الميلادي وبالتحديد بين عامي 910 و940 م.وقد اشتهر هذا الملك بزرقة أسنانه حتى صار يُلقب بـ هيرالد بلوتوث (لاحظ معي فخر الغرب بملوكهم وقادتهم وتبجيلهم مقابل تجاهلنا وتغييبنا لعظماء الإسلام).
2- فكرة عمل الناب الأزرق:
قام الملك (هيرالد بلوتوث) بتوحيد الدانمرك والنرويج على رغم بعد المسافة بينهما، وهي نفس فكرة البلوتوث التي تعتمد على فكرة ربط الأجهزة الالكترونية مثل الجوال والحاسب الآلي في أماكن متباعدة مع بعضها البعض عبر موجات الراديو المنخفضة بدلا من الأسلاك ليرسل ويستقبل عبرها الصور ولقطات الفيديو والرسائل وغيرها من الوسائط .
3- الجوانب السلبية في البلوتوث :
أ) ترويج المواد الإباحية والمقاطع الخليعة: ولعلها أخطر مساوئ البلوتوث،حيث يتم نقل الصور والمقاطع الخليعة من جهاز لآخر بمنتهى السهولة، وبذلك يصبح الجوال مصدر بث ونشر لهذه المقاطع المخلة بالآداب والأخلاق ..ونشر الفاحشة بين الناس ..
وقد قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(19) سورة النــور ، وعيد لمن يحرص على إفشاء الفاحشة، ويدخل في ذلك من يسهم بنشر وبث هذه المواد المخلة بالآداب عبر البلوتوث ، وهم من يدخلون في طائفة المجاهرين بالفاحشة الذين يقول فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) (أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه، رقم: 2990)
ب) استخدامه في المعاكسات :حيث يقوم بعض الشباب باستخدام تقنية البلوتوث في المعاكسات في الأندية والأسواق التجارية والأندية....وغيرها من أماكن التجمعات العائلية ، مستغلين أن البلوتوث لا يظهر أرقام بل يعمل في محيط المكان فيمكنه أن يتصل بكل الجوالات الموجودة في هذا المدى والتي تستخدم نفس التقنية(البلوتوث).
جـ) تناقل الفيروسات المؤذية والمدمرة : حيث يمكن أن تعمل هذه الفيروسات بعد استقبالها على مسح الملفات المخزنة على الهاتف أو تصيب الجهاز نفسه بالعطب والتخريب .‏
د) استخدامه في التجسس واقتحام الحياة الخاصة: ‏حيث يمكن عن طريق تقنية البلوتوث سرقة البيانات الموجودة على هاتف الضحية ومعرفة أدق خصوصياته،وكذلك يمكن عن طريق برامج خاصة إجراء اتصالات على الهواتف الأخرى دون أن يشعر صاحب الجهاز ، وكذلك ما تقوم به بعض الفتيات من تصوير النساء في الأماكن الخاصة كالحفلات والأعراس وغيرها -لاسيما في المجتمعات الخليجية المحافظة -ثم إعادة نشرها عبر الإنترنت بدون مراعاة لحرمة الآخرين .
ولعل أبرز الأسباب التي جعلت البلوتوث يحتل هذه المكانة البارزة بين وسائط نقل البيانات :
1- أن النقل بواسطة البلوتوث متاح مجاناً وبدون تحصيل أي رسوم مالية لشركات الاتصالات .
2- سرعة نقل الملفات بين مجموعة من الأفراد في محيط محدد مما يوفر الوقت والمال
3- ويزيد من صعوبة السيطرة على استخدام تقنية ''البلوتوث'' أنها غير مرتبطة بمزودي خدمات الاتصالات، ولذلك فليس من الممكن لشركات الاتصالات أن تقوم بأي دور رقابي على هذه التقنية بأي شكل من الأشكال أو السيطرة على ما يتم تداوله عبر هذه التقنية .
4- موقف العلماء في توضيح خطر نشر المواد الإباحية عبر البلوتوث :
وقف علماء الإسلام وقفة حاسمة أمام تلك الممارسات الخاطئة للبلوتوث فيقول سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ : "إن هذه الجريمة تعدٍ على حرمات الله وشعائر الله، وحدود الله، ولا يمكن لمؤمن ينبض قلبه بالإيمان أن يرتكب مثل هذا الجرم....ففي قلب المؤمن حياء وعفة ولا يجاهر أبداً بالمعاصي والذنوب ، فهؤلاء الذين يجاهرون بإجرامهم ويلقون ثوب الحياء مجرمون مفسدون. إنهم لا يخافون الله ولا يخشون أو يستحون من الناس، وفي قلوبهم مرض الشهوات، وفيهم يقول الرسول: "كل أمتي معافى إلا المجاهرون"..وهؤلاء إذا لم يتداركهم الله بتوبة نصوح يخشى عليهم أن يكونوا من دعاة الضلال، ومروجي الفساد، الذين يحملون أوزارهم كاملة يوم القيامة، ألا ساء ما يزرون...!! إن التقنية الحديثة نعمة من نعم الله،ولا بد من الاستفادة منها في الخير لا في إشاعة الفواحش والزنا."
5- والحل ؟
بقى أن نحاول أن نضع أيدينا على لب الموضوع ، وهي كيف يمكننا السيطرة على البلوتوث ؟ وهل المنع هو الحل ؟ يخبرنا المتخصصين في الاتصالات والجوالات أن الجوالات التي لا تستعمل تقنية البلوتوث ستندثر قريبا ، وسيصبح البلوتوث أحد الإمكانيات الأساسية في أي جوال. فكيف يمكننا السيطرة على البلوتوث؟
والإجابة على هذا السؤال تقودنا لطرح سؤال آخر في غاية الأهمية وهو "هل البلوتوث خطر في حد ذاته ؟؟"
إن البلوتوث في حد ذاته برئ مما ينسب إليه من جرائم ،فما هو إلا أداة لنقل ما تسجله كاميرا التصوير فالمشكلة تكمن في الشخص الذي يقوم بالتصوير والنشر والنقل.
عموما يمكننا القول إن التكنولوجيا يصعب الوقوف في وجهها وتحديها ،والحل هو العمل على تطويعها لخدمة المجتمع بشكل إيجابي ولعل هذا يذكرنا بهاجس أقلق الكثيرين منذ سنوات قليلة إنه (الإنترنت) التي توجس البعض خيفة منها ومن خطرها على شبابنا ،ولكن تمكن بعض الأخوة المخلصين في الدعوة من تحويل الإنترنت لأكبر وسيلة للدعوة لدين الله،واعتنق الآلاف الإسلام بعد أن تلقوا معلومات صحيحة عن الإسلام من المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت.
فالتكنولوجيا الحديثة ومستحدثاتها بريئة من جرم اتهامها ببث الفحش، وهي سلاح ذو حدين يمكن أن تستخدم في الخير إذ أحسن استغلالها ،وقد تكون وسيلة لنشر الشرور والمفاسد إذا أسيء استخدامها ، والشريعة الإسلامية تتسم بالوسطية في الأخذ بكل جديد نافع ، وبذلك يمكن الاستفادة من تقنية البلوتوث في الأمور الشرعية المختلفة وتطويعها في خدمة الإسلام والدعوة لدين الله وتفعيل دور ما يمكننا أن نطلق عليه "البلوتوث الإسلامي" عن طريق بعض الوسائل التي ستساعدنا بعون الله في ترويض هذا (الناب الأزرق) وتحويله من وسيلة مرعبة تقتحم علينا خصوصياتنا وتنقل البذاءات لداخل بيوتنا بكل سهولة إلى وسيلة مفيدة ونافعة لخدمة المجتمع المسلم ومن ذلك:
1- إفساح مساحة في المواقع الإسلامية تكون مخصصة لنشر المقاطع الإسلامية المفيدة، تمهيداً للعمل على تدشين مواقع إسلامية متخصصة في ما يتعلق (بالجوال الإسلامي) من برامج إسلامية للجوال وخلفيات إسلامية ومقاطع صوتية ومقاطع مرئية وصور إسلامية...الخ من المواد الإسلامية المفيدة .
2- العمل على اقتباس مقاطع من المحاضرات الدينية أو الأذكار أو الكتب الالكترونية المفيدة ونشرها على الأصدقاء مع التوصية بنشرها للحصول على الأجر.
3- جمع عدد من المقاطع المفيدة سواء كانت إسلامية أو فكاهية مباحة أو فيها بعض الفوائد المقبولة والعمل على إعدادها في أسطوانات مخصصة ثم توزيعها كهدايا في محلات بيع أجهزة الجوالات وبعض المؤسسات والمدارس .
أما ما يتعلق بمساوئ استخدام البلوتوث فيمكننا مقاومتها والحد من خطرها عن طريق :
1- نشر فتاوى علماء المسلمين الأجلاء والتي تُجرم تخزين المقاطع الخليعة في أجهزة الجوال ، ناهيك عن جرم نشرها عبر البلوتوث .
2- تنظيم دروس ومحاضرات دينية للشباب عن مخاطر المقاطع الخليعة على المجتمع المسلم .
3- سن قوانين مشددة لمن يضبط ومعه مثل هذه المقاطع أو من يحاول نشرها ونقلها للجوالات ووضع عقوبات تعزيرية تردع هؤلاء الذين يعبثون بحرمات الناس وأعراضهم ويسعون لإشاعة الفحشاء بينهم .
4- حث أولياء الأمور على توعية أبنائهم وتحذيرهم من تداول تلك المقاطع ، ومتابعة ومراقبة ما تحتويه جوالاتهم من مواد .
5- القيام بحملة إعلامية في مختلف وسائل الإعلام تنبه لخطورة المقاطع المرئية على بنية المجتمع المسلم .
6- التنبيه على ضرورة شبابنا بعدم فتح خاصية البلوتوث في الأماكن العامة حتى لا تكون عرضة لوصول مقاطع خليعة أو برامج قد تحمل فيروسات ضارة .
7- منع دخول الأجهزة التي تشتمل على كاميرا للتصوير إلى أماكن تجمعات الناس لاسيما النساء كالجامعات والمدارس وأماكن العمل.
8- تنظيم مسابقات بين الشباب لاختيار أفضل (بلوتوث) إسلامي عن طريق تصميم مقاطع مفيدة ملتزمة بالمعايير الشرعية .

والله ولي التوفيق ،،،
أبو خليل

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

يا ريت الأئمة في المساحد ينتبهوا لهذا الموضوعات الجديدة
وميفضلوش يتعرضوا كل اسبوع لنفس الموضوعات التقليدية
واشكرك على موضوعاتك التي تناقش قضايا حيوية وحديثة

أم هناء